السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،
الفوائد المُنـتقاة ُ
من شرح أحاديث باب الصيام
من كتاب عمدة الأحكام - للإمام المقدسي
قام بالشرح الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسّام - رحمه الله -
.
.
.
قال الإمام المقدسي - رحمه الله - في كتابهِ ( عمد الأحكام ) :
كتاب الصيام
الحديث الأول :
عَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم :
(( لا تَقَدَّموا رَمَضَانَ بِصَومِ يَومٍ وَلا يَومينِ ، إِلاَّ رَجُلاً كَانَ يَصُومُ صَوْماً فَلْيَصُمْهُ )) متفق عليه .
--------------------------------------------------
_: الشرح :_
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - شارحاً :
قوله أي المؤلف : ( كتاب الصيام )
الصيام لغة : هو الإمساك عن الكلام ومنه قوله - جل وعلا - عن مريم (( إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا )) .
ومنه قول الشاعر :
خيلٌ صيـامٌ وخيلٌ غير صائمةٍ * تحت العجاج وأخرى تعلك اللَّجَمَا .
أما في الشرع : فهو إمساك بنية عن المفطرات في نهار الصيام .
يقال صيام إذا أمسك بنية الإمساك عن المفطرات في النهار سواء في نهار رمضان أو غيره يقال له صيام .
فالصيام شرعاً : هو الإمساك بنية التقرب بترك ما حرم الله على الصائم من المفطرات من أكل وشرب وجماع ونحو ذلك .
والصيام قسمان :
1_ فرض .
2_ ونفل .
•الفرض : هو صيام رمضان وهو أحد أركان الإسلام الخمسة وهو الرابع من أركان الإسلام الخمسة .
وهو شهر واحد في السنة فرضه الله على المكلفين من الرجال والنساء .
ويلحق في ذلك صوم الكفارات الفرض ككفارة الظهار وكفارة الوطء في رمضان وكفارة القتل هذا فرض و هو ما شرعه الله مفروضاً ،ككفارة القتل إذا عجز عن العتق ، وكفارة الوطء في رمضان إذا عجز عن العتق يكون عليه الصيام إن استطاع .
ومن الفرض أيضاً النذور إذا نذر مثل لله علي أن أصوم كذا ؛ أصوم يوم الاثنين أو صوم يوم الخميس أو يوم كذا .
• ويكون الصيام نفلاً مثل صوم يوم الاثنين أو الخميس وصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام ست من شوال وصيام يوم وإفطار يوم هذا يسمى صوم تطوع .
--------------------------------------------------
الحديث الأول :
عَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم :
(( لا تَقَدَّموا رَمَضَانَ بِصَومِ يَومٍ وَلا يَومينِ ، إِلاَّ رَجُلاً كَانَ يَصُومُ صَوْماً فَلْيَصُمْهُ )) متفق عليه .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - شارحاً :
لا يجوز للمسلمين أن يتقدموا رمضان بصوم أو يومين على سبيل الاحتياط يخشون أن يفوته شيء ، ليس له ذلك بل عليهم أن يتحروا دخول الشهر بظهوره أو بإكمال شعبان وليس لهم التقدم على رمضان كما فعلت النصارى وغيرهم ، لا ، الواجب التقيد بالشرع .
أما إن صار يوم الشك ( فلا يصوم المسلمون قبله ) بل على المسلم التحري فيصوم برؤيته -أي الهلال - ويفطر برؤيته .
فإن غُمَّ الهلال وجب إكمال شعبان عدته ثلاثين يوماً ثم يصوم المسلمون ، فإن لم يُرَ أكملوا شعبان ثلاثين هذا هو الراجح .
.
.
.
.
و قال الشيخ الشيخ عبد الله البسّام - رحمه الله - شارحاً :
ما يؤخذ من هذا الحديث :
1- النهي عن تقدم رمضان بصيام يوم أو يومين.
2- الرخصة في ذلك لمن صادف قبل رمضان له عادة صيام، كيوم الخميس والاثنين.
3- من حكمة ذلك- والله أعلم- تمييز فرائض العبادات من نوافلها، والاستعداد لرمضان بنشاط ورغبة، وليكون الصيام شعار ذلك الـشهر الفاضل المميز به.
.
.
.
2
باب تحري رؤية الهلال
قال الإمام المقدسي - رحمه الله - في كتابهِ ( عمد الأحكام ) :
الحديث الثاني :
_ عَن ابنِ عُمَر رضي الله عنهما قال : سمَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يقول : (( إِذَا رَأَيتُمُوهُ فَصُوموا وَإِذا رَأَيتُموهُ فَأَفطِروا فَإِن غُمَّ عَلَيْكُم فَاقدُروا لَهُ )) . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
--------------------------------------------------
_: الشرح :_
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - شارحاً :
ومعنى هذا الكلام أن الواجب أن يصوموا لرؤية الهلال وأن يفطروا لرؤية الهلال .
وليس لهم الصوم بالحساب ولا بالاحتياط ، لا ، لابد من الرؤية أو إكمال العدة ولهذا قال : (( فإن غم عليكم فأكملوا العدة )) ثلاثين ، وفي رواية أخرى (( فأكملوا عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين يوماً )) وفي لفظ آخر (( فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين )) (( فعدوا ثلاثين )) والمعنى واحد .
إذا غم هلال شعبان يكمل رجب ثلاثين يوماً ، إذا غم هلال رمضان يكمل شعبان ثلاثين يوماً فالشهر إما تسعة وعشرون وإما ثلاثون .
فإن شُوهدَ الهلال للثلاثين من شعبان صام الناس أو شُوهدَ الهلال للثلاثين من رمضان أفطر الناس فإن لم يُر أكملوا شعبان ثلاثين وصاموا وكملوا رمضان ثلاثين وصاموا .
والأحاديث في هذا كثيرة تدل على وجوب اعتماد الرؤية ولا يجوز الاعتماد على الحساب ولا الصوم بجرد التحري والظن بل لا بد من الرؤية أو إكمال الرؤية هكذا شرع الله- عز وجل - ؛ وقد أجمع علماء الإسلام على أنه لا يعتبر الحساب في الصيام .
.
.
.
و قال الشيخ الشيخ عبد الله البسّام - رحمه الله - شارحاً :
ما يؤخذ من الحديث :
1- أن صيام شهر رمضان معلق برؤية الناس أو بعضهم للهلال، وردَّ ابن دقيق العيد تعليق الحكم به على حساب المنجمين وبين الصنعاني أنه لو توقف الأمر على حسابهم لم يعرفه إلا قليل من الناس. والشرع مبني على ما يعرفه الجماهير.
2- وكذلك الفطر معلق بذاك.
3- أنه إن لم يُرَ الهلال لم يصوموا إلا بتكميل شعبان ثلاثين يوماًً. وكذلك لم يفطروا إلا بتكميل رمضان ثلاثين يوماً.
4- إنه إن حصل غيم أو قتر، قدروا عدة شعبان تمام ثلاثين يوماً. وقال الصنعاني: جمهور الفقهاء وأهل الحديث على أن المراد من "فاقدروا له"، إكمال عدة شعبان ثلانين يوماً كما فسره في حديث آخر.
3
باب فضل السحور .
قال الإمام المقدسي - رحمه الله - في كتابهِ ( عمد الأحكام ) :
الحديث الثالث :
_عَن أَنِسٍ رضي الله عنه قالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( تَسَحَّروا فَإِنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةٌ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
--------------------------------------------------
_: الشرح :_
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - شارحاً :
( السَحور ) ما يأكل في آخر الليل يقال له سحور .
( السُحور ) بالضم الفعل من التَّسَحٌّر والأكل ، وبالفتح هو الطعام الذي يأكل يقال له سحور ، مثل الوُضُوء والطُّهُور الفعل ، والوَضُوء والطَّهُور_بالفتح_ الماء المعد للطهارة .
والسحور مشروع للمسلمين أن يتسحروا حتى يتقووا به على طاعة الله .
و قد كان النبي يتسحر كما قال أنس : ( تسحرنا مع النبي _ صلى الله عليه وسلم_ في رمضان فقيل كم كان بين الأذان والسحور؟ قال قدر خمسين آية ) .
- يعني كان سحوره _ صلى الله عليه وسلم _ متأخر في آخر الليل وهذا هو السنة تأخير السحور حتى يكون أقوى للصائم على طاعة الله فيكون السحور قرب الأذان ، يتسحر قبل الأذان بقليل ولهذا قال أنس لما سئل كم بين السحور والأذان قال : (( كان بين السحور الأذان قدر خمسين آية )) . خمسون آية بتلاوة متأنية مرتلة نحو خمس أو سبع دقائق إلى عشر دقائق .
- والحاصل أن من السنة تأخير السحور ، وفي حديث علي : ( لا يزال متي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور ) وفي الصحيح عن النبي _صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ قال : ( فرق ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر ) فالأكل في السحر فيه إقامة السنة ومخالفة أهل الكتاب .
- فالمسلمون يشرع لهم السحور في آخر الليل لا في وسط الليل كما يفعل بعض الناس بل السنة أن يتسحر في آخر الليل تأسياً بالنبي _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ صياماً وعملاً بسنته وهذا للنفل والفرض جميعاً .
.
.
.
.
و قال الشيخ الشيخ عبد الله البسّام - رحمه الله - شارحاً :
فمن بركة السحور، ما يحصل به من الإعانة على طاعة الله تعالى في النهار.
فإن الجائع والظامئ، يكسل عن العبادة.
ومن بركة السحور أن الصائم إذا تسحر لا يمل إعادة الصيام، خلافاً لمن لم يتسحر، فإنه يجد حرجاً ومشقة يثقلان عليه العودة إليه.
ومن بركة السحور، الثواب الحاصل من متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام.
ومن بركته أيضاً، أن المتسحر يقوم في آخر الليل، فيذكر الله تعالى، ويستغفره، ثم يصلي صلاة الفجر جماعة.
بخلاف من لم يتسحر. وهذا مشاهد.
فإن عدد المصلين في صلاة الصبح مع الجماعة في رمضان أكثر من غيره من أجل السحور.
ومن بركة السحور، أنه عبادة، إذا نوي به الاستعانة على طاعة الله تعالى، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، ولله في شرعه حكم وأسرار